مراجعة Hollow Knight: Silksong

المقدمة

بعد النجاح الساحق الذي نالته Hollow Knight عند صدورها عام 2017، يعود إلينا أستوديو Team Cherry بعد سنوات من الترقب بجزء جديد طال انتظاره، يحمل اسم Hollow Knight: Silksong. هذا الإصدار ليس مجرد تكملة، بل هو امتداد ينطلق من التجربة الأولى لينسج عالماً مختلفاً على نحو جذري. ورغم تمسكه بتلك الأجواء الغامضة والبيئة السوداوية التي سحرتنا في الجزء الأول، فإنه ينهض هذه المرة كتحفة فنية متكاملة تمزج بين صرامة التحديات وسحر الجمال البصري والسمعي، لتأخذك في رحلة لا تشبه سابقتها، تزور فيها عوالم غنية بالتفاصيل، وتواجه زعماء صيغوا بذكاء ليختبروا يقظتك ومهارتك في كل لحظة، وسط أسلوب لعب متين، متنوع، ودقيق يجعل من كل خطوة وزناً، ومن كل قرار رهبة، ويبقيك في حالة ترقب دائم.

القصة

تنطلق حكاية Silksong مع البطلة Hornet، التي نجدها وقد وقعت في الأسر داخل تلتحف الغموض تدعى Pharloom. غايتها الأولى أن تتحرر من قيودها، غير أن رحلتها سرعان ما تتحول إلى صعود متدرج نحو قمة المملكة. إنها رحلة تتجاوز مجرد استعادة الحرية، لتصبح سعياً لاكتشاف أسرار Pharloom التي تخفي وراء ستارها المأساوي حقيقة لا بد ان يُحرق الستار لكشفها.

الحبكة تنمو ببطء مقصود، تُنسج خيوطها عبر الاستكشاف والمواجهات. كل منطقة تكشف عن وجه جديد من القصة، وفي أحيان كثيرة تأتي المهام الجانبية لتمنحك مفاتيح تضيء عتمة الأحداث وتفسر ما بدا مبهماً. ولذا، فإن نهاية كل فصل أو منطقة لا تأتي كمجرد خاتمة، بل كصدمة متولدة من تتابع التصورات الصغيرة التي التقطتها بنفسك.

تميز هذه القصة أنها تقدم منظوراً مختلفاً للعالم من خلال عين Hornet، فلا تُلقى إليك الأحداث جاهزة، بل تفتح لك الباب لتقرأها بنفسك في ملامح الشخصيات، وتفاصيل البيئات، وتلميحات الحوارات. هذا الأسلوب يشعل فضولك ويجعل كل خطوة نحو المجهول متعة مضاعفة. والأجمل أنه يجعلك أنت شريكاً في بناء الحكاية، فتلتقط التلميحات وتجمع القطع لتصوغ منها صورتك الخاصة، حتى ليبدو أن لكل لاعب تجربته الفريدة وفهمه المختلف

الشخصيات الجانبية

على امتداد الرحلة ستجد نفسك وجهاً لوجه أمام شخصيات عديدة، منها من يمد إليك يد العون ويكلفك بمهام جانبية، ومنها من يتركك في حيرة من أمره ويدفعك للشك في نواياه. وهذه الشخصيات ليست زينة على الطريق، بل كل منها مرآة تعكس جزءاً من مأساة المملكة، وتجسد صراعها بين البقاء والانهيار. حتى الشخصيات ذات الطابع الهزلي أو الكوميدي تخفي في أعماقها دلالات لا تقل عمقاً عن نظيراتها المأساوية. وهكذا، صارت شخصيات Silksong أحد أعمدة التجربة، تبعث في العالم روحاً نابضة بالحياة وتمنحه بعداً حشرياً عاطفياً وسط غيمة الغموض والكآبة.

أسلوب اللعب

ما يميز Silksong بحق أنها تجلب أسلوب لعب متفرداً، يقف بها شامخة بين أرقى ألعاب الميترويدفينيا المعاصرة.

الحركة والمرونة:

Hornet سريعة رشيقة، تتحرك بخفة عبر القفزات المتتالية، وتتسلق الجدران بمهارة، وتندفع بدقات قصيرة تمنحها سلاسة في الهجوم والمناورة. هذه الأدوات تجعلها سيدة المساحات الضيقة كما تعطيها التفوق في الساحات الفسيحة.

نظام القتال:

سلاحها إبرة وخيط، يتيح هجمات متلاحقة سريعة أو ضربات مشحونة تخترق الدفاعات وتضيف تأثيرات خاصة. القتال لا يحتمل العشوائية، بل يتطلب دقة وإدراكاً لحركات الخصم.

نظام التعافي:

حل محل الروح في الجزء الأول نظام الحرير، الذي تستخدمه Hornet للتعافي أو لتفعيل قدرات هجومية. إدارة هذا المورد أصبحت جزءاً من صميم مهارتك.

التقدم والقدرات:

التطور لا يتجسد في أرقام فحسب، بل في قدرات جديدة تفتح أبواب مناطق مخفية وتغير أسلوب المواجهة كلياً.

الخريطة والاستكشاف:

عالم اللعبة غير خطي، مليء بالطرق الملتوية والاختصارات. جدران قابلة للكسر، ممرات مخفية، أصوات خافتة ترشدك، وكل اكتشاف يقودك إلى كنز أو قدرة تستحق الجهد.

التخصيص:

هناك نظام يتيح لك تعديل أسلوبك بما يلائمك، سواء آثرت المواجهة المباشرة أو فضلت المناورة الذكية. وهذا يفتح باباً واسعاً لإعادة اللعب وتجريب استراتيجيات شتى.

هكذا بدا أسلوب اللعب في Silksong نقلة طبيعية وذكية، حافظت على روح الأصل وأضافت إليها من التنوع ما يجعل التجربة أكثر إدماناً وإمتاعاً، مع لفت الأنظار بمهام جانبية مذهلة التصميم ومجزية النهايات.

الزعماء

مواجهات الزعماء هنا ضرب من التميز الخالص. تنوع مدهش في التصاميم، واختلاف بديع في أنماط القتال. بعضهم يرهقك بسرعة خاطفة وحركات لا تهدأ، وبعضهم يجعلك تواجه قوة كاسحة تحتاج معها إلى الصبر والانتباه الحاد. كل مواجهة تبدو امتحاناً لمهاراتك كافة، تُجبرك على اختذال كل ما تعلمته من قدرات لتنتصر، حتى غدت لحظة الانتصار عليهم شعوراً يتجاوز مجرد التقدم في القصة ليغدو إنجازاً شخصياً راسخاً، يغمر قلبك بالفخر والإتقان.

المحتوى الجانبي

لعبة Silksong لا تقدم مهاماً جانبية عابرة، بل تغني التجربة بعمقها. كل مهمة تحمل معنى، سواء كانت نصرة لشخصية غامضة، أو جمعاً لقطع تكشف عن تاريخ المملكة، أو خوضاً لتحديات قاسية تعصف بمهارتك. هذه المهام تجعلك تعيش العالم بوجه آخر، وتضفي شعوراً بالحرية يمنحك الخيار بين المضي في القصة أو الغوص في أسرار خفية. كل إنجاز صغير يمنحك شعوراً بالظفر، ويزيد من تعلقك بهذا العالم الذي يفيض بالتفاصيل.

التوجه الفني

لا تزال Silksong تحافظ على أسلوبها الفني اليدوي المميز، لكنها هذه المرة تبدو أكثر إشراقاً وحياة. ألوانها أبهى، وعوالمها أكثر حيوية، كأن العالم بدأ يسترد أنفاسه بعد ظلام دامس ظهرت عتمته بأعتى شكل في الجزء الماضي. لكل منطقة طابعها الخاص: مدن صاخبة، كهوف غامضة، غابات تتمايل، أوراقها كأنها تهمس… بل هي تهمس بكلمات رقيقة من الفن بصوت خافت مداعبةً اذن اللاعب. كل مكان يحكي قصته بطريقته، ويضفي على رحلتك لمسة سحرية لا تنسى.

الخلاصة

لعبة Hollow Knight: Silksong ليست مجرد لعبة عادية، بل ملحمة تتهادى بين السحر والظلام، تجربة غامرة تُخاطب شغفك وروحك معاً. رحلة تسير بك بين ظلال الغموض وألق الاكتشاف، تقودها Hornet برشاقتها وسرعتها، لتجعلك تعيش كل لحظة بترقب وانبهار. القصة تحيطك بألغازها، والقتال يختبر أعصابك ومهارتك، والاستكشاف يمنحك نشوة المغامرة. إنها مغامرة تنسج خيوطها من الصعوبة والمتعة، من الجمال البصري الذي يخطف الأبصار، ومن الغموض القصصي الذي يهمس في أذنك بأن كل زاوية تخفي حكاية تنتظر من يكتشفها.

الإيجابيات:

حركة وقتال يمنحان شعوراً عميقاً بالتحكم والسيطرة.

تصميم مناطق وزعماء متقن يضيف التحدي والمتعة.

محتوى جانبي ثري ذو قيمة حقيقية يكافئك بسخاء.

أسلوب لعب متنوع يزيد من غمرتك في التجربة.

نظام ترقية مرن للأدوات والقدرات يغير أسلوبك ويمنحك خيارات شتى.

تنوع البيئات وعالم نابض بالحياة، لكل منطقة طابعها وقصتها.

استكشاف حر غير خطي يتفوق على الجزء الأول.

السلبيات:

بعض المواجهات قاسية الى حد الإحباط على اللاعبين الجدد.

قلة التوضيح المباشر في بعض المناطق قد تربك البعض، حيث يعتمد كل شيء عليك

التقييم النهائي: 10/10